English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

موقع الأستاذ حسن فيلالي
رحاب المحاماة الجديد

البحث الثاني

مناقشة وتعليق
حول مشروع المبادئ المقدمة
من طرف المركز الدولي المعني باستقلال
القضاة والمحامين
لا يختلف اثنين على انه من المبادئ التي أصبحت تستقطب باهتمام مختلف العاملين في الحقل القانوني والحقوقي ,لاسيما منهم رجالات المحاماة.مسالة استقلال القضاء والمحاماة ومدى ترابطهما وتكاملهما مع بعض ودعم كل من الاستقلاليين للأخر.
ولقد عرفت الساحة القانونية عدة دراسات ومناقشات ومؤتمرات تمحورت جلها حول هدا المبدأ وكان من جملتها النشرة العاشرة الصادرة عن المركز الدولي المعني باستقلال القضاة والمحامين ’بمناسبة الاجتماع المنعقد في نوتو بصقلية في الفترة من 10الى 14 مايو لسنة 1982.
ولقد قامت لجنة من الخبراء قدمتها الرابطة الدولية لقانون العقوبات بصفتها عضوا مشاركا في هده الدورة مثلها نخبة من المحامين المنتمين لكل من اتحاد المحامين الإفريقيين ,اتحاد المحامين الدولي ,الاتحاد الياباني للمحامين,الرابطة الدولية للمحامين الديمقراطيين,الرابطة الدولية للمحامين الشبان .نقابة المحامين الافريقين ,نقابة المحامين لعموم أسيا ’النقابة الهندية لمحامي المحكمة العليا ,بالإضافة إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة والمركز المعني باستقلال القضاة والمحامين ومنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية ودولية أخرى.
ومن خلال قراءة لمشروع المبادئ الأولية التي خلصت إليها النشرة المذكورة ’ يتبين أن مسالة استقلال المحامين دعامة أساسية وضرورة ملحة في استقلال القضاة ونزاهتهم ولتوضيح هده المسالة لابد من التطرق إليها في هدا الموضوع في محورين أساسيين كما يلي:
أولا: موجزا لأهم مبادئ النشرة العاشرة
لقد أسفر الاجتماع المنعقد في صقلية على إصدار النشرة العاشرة للمركز الدولي المعني باستقلال القضاء والمحاماة , وقد تضمنت هده النشرة مشروعا لأهم المبادئ الأولية التي يمكن على أساسها تحقيق عدالة مستقلة من الجانبين ,القضاة والمحامون واعتبرت هده المبادئ مجرد مبادئ أولية يمكن مناقشتها والتعليق عليها من طرف كل المحامين والقضاة المعنيين بها وتركت لهم حق تقديم مقترحاتهم بشأنها إلى المنظمات الراعية إشراكا لها في بناء نظام عادل ومنصف لإقامة العدالة . ويمكن تلخيص هده المبادئ فيما يلي:
1-     ماهية المحاماة والتعريف بها
2-     نطاق المبادئ الأولية لمشروع استقلال القضاة والمحامين
3-     المبادئ العامة لهدا المشروع
4-     التعليم القانوني ودخول المحاماة
5-     تثقيف الجمهور فيما يخص القانون
6-     حقوق المحامين وواجباتهم ذات الصلة باستقلال مهنتهم
7-     المسؤولية الاجتماعية للمحاميين
8-     نقابة المحامين
9-     الإجراءات التأديبية
ويبدو للوهلة الأولى أن كل هده المبادئ تسير نحو هدف واحد وهو تقوية جهاز العدالة كل بشقيه القضاة والمحامين, وذلك بضمان استقلالها وتقديم الدعم لبعضها دون إغفال جانب التكوين وتوعية الجمهور ’وضمان تقديم المساعدة لكل الأفراد والقطاعات الأخرى من اجل الوصول إلى العدالة وتحقيق المحاكمة العادلة (بما في ذلك قطاعات الدولة) دون إغفال جانب الفقر الذي يحول دون الاستفادة من خدمات المحاميين .
ثا نيا: المناقشة التعليق
إن المناقشة حول هدا الموضوع تكتسي أهمية تتجلى في تهيئة الأرضية التي يمكن على أساسها إعطاء تعليق حول أهم المبادئ التي جاءت بها النشرة العاشرة,وما اتسمت به من موضوعية ومسايرة للواقع المعايش لمهنة المحاماة ومدى قدرتها على تخطي العوائق التي تحول دون استقلالها وتحقيق الغاية المطلوبة من هدا الاستقلال ’وكذلك في تحديد الأبعاد التي ترمي إليها هده المبادئ كتوفير خدماتها لكل شرائح المجتمع ومختلف القطاعات كيف ما كانت قوتها ومركزها داخل المجتمع , وكذلك بنشر الوعي بين الناس لاسيما الفقراء منهم بمدى قدرة مهنة المحاماة على حماية حقوقهم ومصالحهم .
وهكذا فانه بالنظر إلى هده المبادئ نجد النشرة العاشرة المذكورة لخصتها في تسعة مبادئ أساسية سبق سردها في الموجز أعلاه , ويلاحظان هده المبادئ تركز بالأساس على التعريف بمهنة المحاماة وعلى الكفاءة المهنية وشروط الولوج وعلى نشر الوعي بين الجمهور بأهمية المحاماة ومدى قدرتها على تحقيق رغباته وعلى حقوق وواجبات المحامين وعلى المسؤولية الاجتماعية للمحامين وعلى نقابة و المحامين وأخيرا على الإجراءات التأديبية التي يمكن أن تطال المحامين بمناسبة المخالفات التي يرتكبونها أثناء مزاولتهم لمهامهم لاسيما إذا تعلق الأمر بمسالة الخطأ الجسيم كالتزوير أو عدم الالتزام بمقتضيات السر المهني وغيره .وعليه فانه سوف تتم مناقشة هده المبادئ على النحو التالي:
                    I.            التعريف بمهنة المحاماة:
يلاحظ من خلال التعريف الاولي لمهنة المحاماة الذي جاءت به النشرة العاشرة الصادرة عن المركز المعني باستقلال القضاء والمحاماة المصادق عليه بتاريخ14/5/1982 بصقلية’ انه جاء معتمد فيه على معيار شخصي تمثل في شخص المحامي باعتباره الشخص الوحيد المخول له قانونا الحق في ممارسة مهنة المحاماة وفي نقابة المحامين باعتبارها الجمعية التي ينتمي إليها المحامون .
وهو بهدا الاتجاه يكون قد حدا حدو كثير من التشريعات الأخرى في التعريف بمختلف الموضوعات القانونية والتي تساير النظرية الشخصية والتي تعود جذورها إلى نظام الطوائف , وهو نظام كان له أثره الحسن في ظهور الميركانتيلية التجارية الايطالية وكذلك في ظهور البورجوازية الأوربية إلى أن اختفى على عقب النزاعات والاضطرابات التي عقبت هده الفترة .   ومنه استنبط المشرع المغربي النظرية الشخصية في القانون التجاري وفي التعريف بالتاجر..وهو معيار غير غريب عن مهنة المحاماة باعتبارها نظام له أعرافه وتقاليده ويسير نحو مبدأ الاحتكار من اجل تقوية وتدعيم الكفاءات المهنية وتنظيم مرفق العدالة.
ويلعب هدا المعيار كذلك دور ايجابي في استقلال المحاماة الذي سوف ينعكس بدوره إيجابا على مبادئ استقلال القضاء باعتبار أن مهنة المحاماة جزء من مرفق القضاء .وان الجزء يكون الكل وإذا استقلت جميع الأجزاء المكونة للكل أصبح الكل بدوره مستقل ,قائم على أسس قوية ومتينة في هدا الاستقلال . والاحتكار عموما هو منع المهنة من التطفل وحمايتها من الاندثار بابقاءها في يد فئة معينة تلم بأعرافها وتقاليدها وتحافظ عليها لبقائها ما بقيت البشرية . 
لذلك فان النشرة العاشرة الصادرة بتاريخ 14/5/ 1982تكون قد توفقت إلى نظرية تاريخية تساير واقع مهنة المحاماة وصلتها بمرفق القضاء في التعريف بمهنة المحاماة .وفي وضع أساس يقترب من الصواب في بناء مهنة مستقلة تساهم في تحقيق العدالة.
                  II.            الكفاءات المهنية وشروط الولوج:
لقد سبق القول في المناقشة البسيطة التي تعلق بالتعريف الذي جاءت به النشرة العاشرة المذكورة بان هده النشرة اعتمدت على النظرية الشخصية في التعريف بمهنة المحاماة ,وإنها بذلك توخت تدعيم الكفاءة المهنية واستقلال المحاماة عن طريق الاحتكار كوسيلة من وسائل ضمان هدا الاستقلال .وأنها من جملة المبادئ التي صاغتها في تكوين محامين مستقلين ضمانا وحماية لمبدأ استقلال القضاء و مبدأ الكفاءة المهنية وشروط القبول .واعتمدت في ذلك دون أن تغفل الحق في التعليم القانوني لكل أفراد المجتمع ومبدأ الحق في العمل , فإنها أناطت بشروط القبول في مهنة المحاماة مبادئ إنسانية ومؤهلات علمية تكفل حق جميع قطاعات المجتمع في الخدمات القانونية التي توفرها مهنة المحاماة وهده الشروط تنصب أساسا على نزاهة المرشح وقدراته العلمية ومدى التزامه بتعزيز المثل العليا للمهنة وعلى عدم التمييز بين المرشحين على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الانتماء السياسي أو الثروة أو أي عامل عنصري آخر ’ وجاءت كذلك بتدابير خاصة من اجل تلافي كل هده العوائق العنصرية أو الاجتماعية التي تحول دون الراغبين في ولوج مهنة المحاماة من ولوجها وقررت أن تكون هده التدابير مناسبة ومشجعة كتدريب المرأة تلافيا لعائق الجنس والأشخاص المنتمين لأقليات قومية أو اثنيه أو عرقية تلافيا لعنصر القومية وغيره من المعوقات العنصرية التي تحول دون تحقيق نظام إنساني متكامل يساهم في تكوين مهنة للمحاماة نزيهة وبعيدة عن العنصرية والصراعات التي تحول دون تمسكها بالمثل العليا الواجب توافرها في كل مرشح لها ,وكذلك بتدابير خاصة للفئات المحرومة اقتصاديا واجتماعيا والتي يقف عامل الثروة عائقا دون تمكين أبناءها من ولوج المهنة ’تمثل في النهوض برفاه أعضاء المهنة وتقديم المساعدة إلى أفراد أسرهم في الأحوال المناسبة الخ...
والملاحظ هو أن هده المبادئ جاءت متمحورة حول محورين أساسين وهما المقدرات العلمية الواجب توافرها في كل مرشح لمهنة المحاماة ’ وألزمت أن تكون هده المقدرات قادرة على تقديم خدمات مهنة المحاماة لكل شرائح المجتمع وقطاعاته بشكل نزيه ومثالي وتلافي العوائق العنصرية أو الاجتماعية التي تحول دون المرشح في ولوج مهنة المحاماة ,واقترحت تدابير خاصة لذلك منها التدريب وإعادة الإدماج والرفع من المستوى الاجتماعي للمرشح أو أسرته .
كذلك لم تغفل هده المبادئ جانب الجمهور والمستفيدين من مهنة المحاماة لاسيما إذا تعلق الأمر بالفئات الفقيرة والمحرومة والتي لايتوفر لديها الوعي القانوني التام لحقوقها وما يمكن لمهنة المحاماة أن توفره لهم من حماية قانونية في هدا المضمار
                III.            التوعية القانونية اللازمة للجمهور ومسؤولية المحامين في ذلك :
لما كان الهدف من وضع مبادئ أولية في اجتماع صقلية لسنة 1982هو تحقيق استقلال المحامين وبالتالي استقلال القضاء ,فانه كان من الضروري لتحقيق هدا الهدف وضع جملة من الإجراءات والتدابير يمكن ان ترقى الى مبادئ وقواعد قانونية ملزمة إذا تم مراعاتها بالشكل الأمثل .
ولما كان المخاطب والمستفيد بخدمات مهنة المحاماة بالأساس هو الجمهور ,فانه وجب أن يكون هدا الأخير واعيا بحقوقه وواجباته القانونية حتى يمكنه بذلك الالتجاء إلى مهنة المحاماة قصد الاستفادة من خدماتها .  
وقد اقترحت النشرة العاشرة  المذكورة ضمن جملة مبادئها الرفع من إدراك الجمهور بمبادئ سيادة القانون وذلك بفتح برامج تعليمية مناسبة لبلوغ هدا الهدف ,وألزمت المحامين بالاندماج وتقديم المساعدة لتحقيق هده البرامج الرامية إلى تثقيف الجمهور لأجل ضمان استقلال القضاء والمحاماة واحترام هدا المبدأ .
كذلك لم تغفل النشرة العاشرة الجانب المادي والاجتماعي للجمهور والذي يحول دون استفادتها من خدمات مهنة المحاماة .وألزمت المحامين باحترام مبدأ المساعدة القضائية من جهة ,وكذلك ألزمتهم بالاندماج في الجمعيات الإنسانية والاجتماعية الهادفة إلى الرفع من المستوى الاجتماعي للطبقات الفقيرة والمحرومة من المجتمع.
                IV.            حقوق وواجبات المحامين ومسؤوليتهم الاجتماعية:
ولم تتطرق هده النشرة إلى كل حقوق وواجبات المحامين المتعارف عليها والمدرجة ضمن القوانين المنظمة لها في مختلف التشريعات, وإنما تطرقت فقط إلى المبادئ الأساسية التي تنظمها من حيث صلتها بمبدأ استقلال المحاماة.إلا أن هده المبادئ في مجملها لاتبتعد كثيرا عن المبادئ العامة التي تنظم حقوق وواجبات المحامين بوجه عام , وتتمحور أساسا حول إبداء المشورة إلى المتقاضين وإتباع الطرق الكفيلة لحماية حقوقهم ومصالحهم وفي تمثيلهم أمام الجهات المختلفة .
وقد أدرجت ضمن هده المبادئ مسالة حصانة المحامين على عدة مستويات منها لجزائية والمدنية والإدارية والاقتصادية,كما قيدت نشاط المحامين بضرورة احترام السلطات وقواعد وآداب مهنة المحاماة بوجه عام.
أما حقوق المحامين فيمكن تلخيصها من وجهة نظر هده النشرة في الاستثناء الوارد على مبدأ احترام السلطات والذي هو حق تجريح القضاة ومخاصمتهم في جميع الأحوال والحق في الطعن بكل ما يمك الطعن بمقتضاه ضد كل الوثائق والمحررات والبيانات الصادرة عن السلطات العمومية ومختلف إدارات الدولة .وكذلك في الحصانة المدنية والجزائية بصدد البيانات الواردة في مرافعاته ومذكراته والحق في الحفاظ على سر المهنة وعلاقته بزبونه .وكذلك الحق في السفر بكل حرية سواء داخل وطنه او خارجه والحق في الحصول على المعلومات والأفكار المهنية ونقلها دون قيد أو شرط من منطقة إلى أخرى ,والحق في إنشاء الجمعيات وحريات المعتقد والرأي والتعبير والحق في المناقشة المتعلقة بالقانون والعدل.وكذلك تحمل مسؤولية دراسة التشريعات القائمة والمقترحة وناقشت هده النشرة كذلك الحق في وضع قواعد آو لوائح تحكم أتعاب ومكافئات المحامين بشكل يوفق بين مصالحهم ومصالح الجمهور .
وفيما يخص مسؤولية المحامي على المستوى الاجتماعي فتتلخص في نتيجة حتمية لمبدأ استقلال القضاء في تمكين جميع قطاعات وشرائح المجتمع من خدماتهم وتعزيز قضية العدالة ومبدأ حقوق الإنسان ,والاهتمام بالفقراء والمحرومين عن طريق المشورة والتعليم ,وقد جعلت مسالة تمويل هده البرامج على عاتق الحكومة وفي حالة تقاعس هده الأخيرة عن ذلك تقوم النقابة بهده المهمة .
                  V.            نقابة المحامين :
ومن جملة المبادئ التي جاءت في النشرة العاشرة لسنة 1982مسالة تشكيل وتنظيم نقابات أو منظمات للمحامين, وقررت أن يكون على رأس كل ولاية قضائية أي دائرة نفوذ محكمة الاستيناف بالمغرب ,نقابة للمحامين تدير نفسها يتكون أعضاؤها من مجموع المحامين الممارسين .وقررت أن يكون انتخاب مجلس النقابة من طرف هيئة تنفيذية ويشارك في هده الانتخابات جميع أعضاء الهيئة بكل حرية واستقلال .
وقررت كذلك أن لا يحول إنشاء النقابة دون حق الأعضاء المكونين لها في إنشاء الجمعيات والمنظمات أو الانتماء لها .
                VI.            الإجراءات التأديبية :
وبمقتضاه تضع كل نقابة عند توليها لمهامها مدونة لقواعد سلوك المحامين.وتبث عند كل مخالفة ابتدائيا ويبقى معه الحق للمحامي المتابع تأديبيا في استيناف قرارها أمام هيئة استينافية مناسبة إما أن تكون محكمة ا وان تكون مجموعة من المحامين مكلفة بذلك أو من لجنة مكونة من القضاة والمحامين إما بالتساوي أو بالأغلبية من المحامين .وكل ذلك دون إغفال مبدأ وإجراءات المحاكمة العادلة من حق العلم بالتهمة والحق في الدفاع والحق في علنية المرحلة الاستينافية وغيره.
ويتجلى من خلال المبادئ التي تم إيجازها في هده المناقشة أن النشرة العاشرة لسنة 1982 حاولت معالجة مبدأ استقلال المحامين وبينت الأسس التي ينبغي ضمانها من اجل تحقيقه والنتائج التي يمكن أن ترتب عليه.
وان هده المبادئ جاءت تكتسي صبغة دولية وتتناسب في معظمها مع تشريعات الدول المتقدمة والدول النامية.في حين أن تحقيقها يعتبر مسالة صعبة في بعض الدول الأخرى كالعالم الثالث ودول إفريقيا, وذلك سواء من الناحية المعنوية أو من الناحية المادية.كذلك جاءت هده المبادئ بمبدأ هام ولكن لايمكن الأخذ به على إطلاقه في مختلف دول العالم ,وهدا المبدأ هو مبدأ وجوب توفر المحامين على انتماء سياسي أو جمعوي معين وهو الأمر الذي لايتمشى وحرية الانتمائية خصوصا في المغرب ,حيث أن جل المحامين ولاسيما الفئات الشابة لاينتمون إلى أية جهة سياسية ولا يرغبون في ذلك .وهو الأمر الذي سوف يقلص من الحرية السياسية ومبدأ حرية العمل الذي يعتبر بدوره من أهم مبادئ هده النشرة .
فإذا جعلنا المهنة حكرا على الأشخاص المنتمين فان فئة عريضة من أفراد المجتمع سوف تحرم من حقها في اختيار الوسيلة التي تريد بواسطتها كسب لقمة العيش.وإذا تمكن اللامنتمي من الولوج إلى المهنة واشترط عليه فيما بعد انتمائية معينة فان ذلك سوف يتعارض مع الحرية في المعتقد والرأي .
كذلك من الناحية المادية فان هده النشرة أوجبت تمويل برامج تثقيف الجمهور من طرف الحكومات ونصت على وجوب إناطة هده المسالة وان كانت ممكنو في الدول المتقدمة وبعض الدول النامية فإنها لاتبدو كذلك في باقي الدول الأخرى لاسيما منها دول العالم الثالث .
ولما كان كل محام عضو في جمعيات أو منظمات أو نقابات المحامين ومعنيا بمختلف الأعراف والتقاليد والمبادئ التي يتم وضعها من قبل أفراد مجتمعه المهني سواء كانوا أفرادا أو جماعات,ومن واجبه العمل على احترام هده القواعد والمبادئ ومسؤلا عن تكريسها وجعلها من قواعد سلوكه اليومي المهني .فانه كان لزاما عليه أن يضطلع على محتوياتها والوقوف على مصادرها دون إغفال دور النقابة واللحن الثقافية المهنية في هده المسالة ..وان النشرة العاشرة لم تركز على هده المسالة في مبادئها وإنما اقتصرت فقط على بعض النقط التي قد تكون لها صلة بهدا الموضوع كمبدأ التعليم القانوني ودخول المهنة وتدريب المرأة من اجل الولوج إلى المهنة ومحاربة الفوارق الاجتماعية للراغبين في المهنة .وهده المبادئ وان كان لها بعض الصلة بمسالة الإعلام المهني الذي يجب أن يناط دور القيام به إلى مجلس الهيئة أو اللجان المهنية المتخصصة .فإنها مع ذلك لم تتطرق إليه بصورة مركزة وهدا في حد ذاته يبقى من المعوقات التي تحول دون تكريس مبادئ النشرة المذكورة وبالتالي مبدأ استقلال القضاء أو المحاماة.
إن مسالة الإعلام والتواصل المهني والذي يجب أن تقوم به لجان ودراسات خاصة لمن أهم الأسس والمبادئ التي ينبغي مراعاتها في مثل هده المبادئ.إذ يعتبر الأرضية الأساسية والمنطلق في تحقيق الغاية من صياغة مختلف القواعد والمبادئ المهنية .وليس فحسب تلك التي تسعى إلى تحقيق استقلال على مستوى مهنة المحاماة وان توفر بعض النقابات بالنسبة للمغرب على مجلة أو مجلتين لايفي بالغرض وذلك لسببين أولهما هو أن محتوى المجلات التي تصدر عن النقابة لايتسع للنشر والإعلام بكل المستجدات والقواعد والمبادئ الصادرة في المجال المهني من مختلف الجمعيات والاتحادات والمؤتمرات الدولية . لان محدد ذلك كبير جدا وقد لايصل منه إلى كل المعنيين إلا القليل ويكفي ان نذكر منه وعلى سبيل المثال لاالحصر موضوع المعلوميات ووسائل الاتصال والقانون المنعقد بتونس بتاريخ 2و3/12/2005 كذلك مجلس النقابات الدولية المنعقد بأمريكا في فبراير 2006 والمنظم من طرف الاتحاد الدولي للمحامين ونقباء المجلس الدولي وكذلك مجلس القانون الانجليزي والعقود المبرمة من طرف لجنة القانون والعقود بتاريخ شتنبر1006والغير المعلن عن مكان انعقاده لغاية تاريخ تحرير هدا البحت ...الخ.
وثانيهما وهو سبب مادي محض مرتبط بالواقع الاجتماعي للمحامين الذين أصبحوا يعانون بشكل ملحوظ من صعوبات ومشاكل مادية تعترض سبيلهم نحو القيام بدور مهني كامل ,كما جاء في مبادئ النشرة العاشرة موضوع هده المناقشة والتي أقرت على أن تحسين الوضعية المادية للمحامين يعتبر من الحوافز التي تؤهلهم إلى أداء متميز . وان ضعف المردود المادي لمكتب المحامي والذي يعزى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية لمختلف البلدان والى عدة أسباب أخرى لايمكن مناقشتها في هدا الموضوع تحول دون
اقتناءه لهده المجلات والتي وان كان ثمنها جد مقتصد فيه فانه مع ذلك يشكل عبئا إضافيا لجل المحامين.
إن مناقشة هدين السببين الذين يعزى إليهما ضعف التواصل والإعلام المهني لدى بعض النقابات لمن الحوافز التي قد تسهم في ترسيخ المبادئ لدولية والمحلية لمهنة المحاماة .وذلك بإزالة كل المعوقات التي تحول دون اطلاع كل المحامين بشؤون مهنتهم حتى يتحقق بذلك عمل موحد ومبادئ موحدة من شانها السير بمهنة المحاماة من حسن إلى أحسن على المستوين الوطني والدولي .وان الاهتمام بتوسيع دائرة الإعلام والتواصل المهني قد يسهم بدوره في تحسين كثير من الجوانب المهنية وفي تمكين المحامين من أداء مهامهم على الوجه الأكمل وكذلك في تمكينهم من توصيل خدماتهم إلى الجمهور والى مختلف القطاعات الأخرى بما فيها تلك التي لاتستطيع الاستفادة من خدمات مهنة المحامين كما جاء في مبادئ النشرة العاشرة المذكورة .
وعليه فان مايمكن ملاحظته بصدد هده النشرة والمبادئ التي استقرت عليها هو انم بدا استقلال القضاء يتوقف على مبدأ استقلال المحاماة ولا يمكن تحقيق نظام عدالة منصف وعادل إلا إذا أمكن تحقيق هدا المبدأ ,وان احتكار المهنة أمر ضروري في تعميق وتحسين مستوى خدماتها للجمهور وكذلك إزالة معوقات الولوج إليها تعتبر عملا ايجابيا نحو تحقيق مبدأ المساواة وتكافئ الفرص أمام جميع أفراد المجتمع ,وكذلك حافزا من حوافز محاربو كل أشكال التطرف والعنصرية والفوارق الاجتماعية التي غالبا ما تؤدي نحو مجتمع متفكك تطغى عليه ظاهرة الإجرام التي بدورها تساهم في إضعاف مستوى التنمية سواء منها الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية وحرية الانتماء .وكمعوقات برامج تثقيف الجمهور ومبادئ إزالتها وكمبادئ تنظيم الإعلام والتواصل المهني وإزالة معوقاته .
وخلاصة القول فان صياغة مبادئ تنظم مهنة المحاماة على مستوى دولي يعتبر حافزا مهما في تطويرها وتمكينها من مواكبة كل المستجدات والتطورات التي تقع على المستوى الدولي والوطني وان الاهتمام بالجانب الإعلامي داخل قطاع مهنة المحاماة يعتبر الأرضية التي يجب أن توضع عليها هده القواعد والمبادئ .وان الاهتمام بإزالة المعوقات المهنية ومحاربة أشكال الفوارق الاجتماعية بكل أشكالها من شانه أن يدعم مبدأ استقلال القضاء والمحاماة وتحقيق مبدأ المحاكمة العادلة .وان من واجب مجلس نقابة هيئة المحامين والمنظمات المماثلة له أن تقوم بدور إبلاغ كافة المحامين بمثل هده المبادئ والعمل على ترسيخها وتدليل الصعاب أمام الأخذ بها مع تمكين كل محام من إبداء رأيه حولها أو التعليق الذي يراه مناسبا حولها.وكذلك من مسايرة مثل هده التطورات والسير في ركبها بجد ودون تهديد أو خوف ووفقا لقواعد لمشروعية وسيادة القانون ’وقد فعلت خيرا هده النشرة عندما نصت في مبادئها على ترحيب المنظمات الراعية بما في ذلك المركز الدولي المعني باستقلال القضاة والمحامين والمقرر الخاص المعني بالدراسات ونزاهة السلطة القضائية والمحلفين والمساعدين القضائيين واستقلال المحامين التابعين للجنة الأمم المتحدة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات بالتعليقات الواردة عليها ,وتجدر الإشارة إلى انه بهده المناسبة ينبغي توجيه الكلمة إلى كل المنظمات والجمعيات والاتحادات المهنية المعنية بتطير مهنة المحاماة وصياغة مبادئ لها تتناسب والضرفيات المواكبة لها ,والمعززة لعناصرها تدعيما لمبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء والمحاماة وتطوير دور المحامين داخل المجتمع مذكرا بضرورة إشراك الكل في تطوير أساليب العمل داخل قطاع مهنتهم ,وفي صياغة ومناقشة المبادئ والقواعد التي بتطورها قد تصبح قاعدة ملزمة ومنظمة لمهنتهم ..
إن من شان مسايرة النشرة العاشرة المذكورة وغيرها من التوصيات والمبادئ المهنية الأخرى , لمن الوسائل التي تساعد النقابة ومجالس لهيئات المختلفة لمهنة المحاماة في تطوير مهنتهم على المستوى الدولي,لاسيما وان من المبادئ التي استقرت عليها النشرة العاشرة لمذكورة ان يساهم المحامون في توصيل خدماتهم إلى كل قطاعات المجتمع وان يعملوا على توعية الجمهور بالمسائل القانونية والسياسية والاجتماعية , وان من شان ذلك أن يساعد المحامين على المشاركة الفعلية في التنمية البشرية والاقتصادية لمجتمعاتهم لاسيما وانه من مبادئ هده النشرة كذلك أن يسعى المحامون إلى إزالة الفوارق الاجتماعية والعلمية إلى الطبقات المحرومة من المجتمع .
إن دور المحامين في التنمية بجميع أشكالها أصبح من الموضوعات التي تثير كثيرا من الجدل داخل الأوساط المهنية, وان من وسائل تحقيقها هو إشراكه في كل شؤون مهنته وتمكينه من الاطلاع على ما يصدر بشأنها من مبادئ وتوصيات دولية تحمل في طياتها تجارب لدول متقدمة ونامية ,أعطت نتائج مثمرة استفادة منها مجتمعاتها وغيرها من المجتمعات الأخرى ,  وان هدا الإشراك لن يتأتى إلا بمبادرة من مجلس الهيئة على النحو الذي سبق تفصيله .
وختاما فان اهتمام النقابة ومجالس الهيئات المختلفة بمثل هده المناقشة وان كانت تبدو بسيطة ومتواضعة .سوف يحفز كل المحامين والقضاة والعملين معهم على تفهم مختلف الإشكالات المطروحة على مستوى مبدأ استقلال القضاة والمحامين وسوف يساعد كذلك على تطوير دور المحامين داخل المجتمع وفي قطاع التنمية بكل أشكالها.


ذ/ حسن فيلالي
 
  
الرجو لأعلى الصفحة
 




.
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement