على أرض الوطن العربي كان فجر الإنسانية، وأول حضارة عرفها العالم تلك الحضارة التي هي بحق أم الحضارة العالمية. إنها حضارة عربية سامية بدأت مع فجر الإنسانية واستمرت دون انقطاع حتى هذا العصر وستبقى مستمرة ما دام على هذا الكوكب نبضة حياة.
إن حضارتنا العربية العريقة تعود إلى آلاف السنين الغابرة إلا أن دراستنا لتاريخ حضارتنا ما زال في بدايته وقد سبقنا إلى هذه الدراسة علماء الغرب فألفوا ووضعوا النظريات والتفسيرات بما يرضي هواهم فقسموا حضارتنا، وقربوا بعضها وأبعدوا بعضها، هنا حضارات سامية، وهنا غير سامية، هنا حضارة تعود لأقوام هاجرت من الجزيرة العربية، وهنا أقوام لا نعرف أصلهم وفصلهم، وهدفهم في ذلك واضح ومعلوم.
من ذلك كانت نظرتنا للتراث متضاربة مختلفة، فبعضنا يعتبر تراثنا هو التراث العربي الإسلامي، وبعضهم يعيده للوراء قليلاً أو كثيراً، بعضهم يقول قد انقطعت (7) موسوعة ويكيبيديا القانونية الموسوعة الحرة
صلتنا بالماضي، فنحن والقدماء على فراق. إلا أن الحقيقة والواقع أن حضارتنا واحدة ومنشأنا بالأصل واحد. عالمنا العربي وشعبنا واحد، وآباؤنا مهما قسموا أو بعدوا، هم سكان أرضنا العربية، وتراثهم تراثنا.
إلا أن أضاعتنا لتلك الفترات القديمة والمتوسطة القدم في تاريخنا باعد بين التراث مما أوجب علينا البحث والتقصي لنعيد الحق إلى نصابه ولنحفظ تراثنا المهدد بالضياع. ولتعرف جماهيرنا صفحات مشرقة من تاريخنا الذي ضمته متاحف ومعاهد التراث الأجنبية ومكتبات الغرب.
من هذه الصفحات ندرس الآن الأثر العربي الشرقي في أهم منجزات الرومان الحضارية ولعلها الوحيدة ألا وهي المنجزات القانونية الرومانية لنعرف حقيقة "رومانيتها" وتأثير أجدادنا العرب فيها.
وبهذا الدور نشأت أقدم النصوص الحقوقية المكتوبة ومنها الألواح الاثنا عشرية عام 449 ق.م وكانت الحقوق الرومانية تطبق على الرومانيين. وكان القانون المحلي هو الذي يحكم الشعوب المجاورة والتي أصبحت مع الأيام مستعمرات رومانية. ونتيجة اختلاط الحقوق الرومانية مع أنظمة الحقوق لدى الشعوب الأخرى جرى تطور كبير في الحقوق الرومانية جعلها تبتعد عن البدائية والشكلية وأصبحت أكثر قدرة على استيعاب المسائل المستجدة والمتطورة للمظاهر الحضارية.
إلا أن السمة الظاهرة هي أن الرومان لم يقوموا بالنقل الحرفي للقانون الأجنبي بل طوروا مؤسساتهم الحكومية بما يتماشى مع ظروفهم الحضارية.
ـ العهد العلمي من عام 150 ق.م وحتى عام 303 ق.م في عهد الإمبراطور قسطنطين وهو أزهى العهود الحقوقية الرومانية وبه ظهر أعظم فقهاء الرومان "فقهاء العهد العلمي" وهم جميعاً من أصل فينيقي عربي وآثارهم هي التي سميت فيما بعد "مدونة جستنيان" كما سنرى.
ـ عهد الإمبراطورية العظمى (303-565م) من عهد الإمبراطور قسطنطين إلى موت الإمبراطور جستنيان ولم يكن للإبداع دور في هذا العهد بل كانت سمته النقل والحشو على مؤلفات العهد العلمي، ولكن في هذا الدور اكتمل التجميع القانوني للمؤلفات والدساتير في مجموعات وصلت إلينا وتبناها نابليون وأخذتها أسرة الحقوق اللاتينية التي تعتمد حقوق نابليون كأساس في قوانينها.
فما هي هذه المجموعات؟
1ـ مجموعة القوانين والدساتير الإمبراطورية وهي تجميع لما صدر من قوانين ودساتير.
2ـ الموسوعة وتشمل القانون القديم المتمثل في كتابات الفقهاء وهي التي تسمى القانون المدني.
3ـ النظم: وهو مختصر للقانون المدني وهو بالأساس كتاب مدرسي لطلاب الحقوق.
ولتبيان الأثر الشرقي العربي على مدونة جستنيان التي أصبحت مجموعة نابليون، سندرس الأصول التي اشتقت منها مدونة جستنيان مصادرها. ثم ندرس طريقة تجميع هذه النصوص وأخيراً ندرس كيف انتقلت إلينا هذه النصوص.
• المصادر التي أخذت عنها الحقوق الرومانية ومدونة جستنيان ,
وهي مصادر الحقوق العامة:
1) العرف والعادة وهو أساس القوانين وقد كان العرف والعادة بالأساس رومانيين بحت إلا أنهما تطورا مع الفتوحات فأخذ عن اليونان وكريت وصقليا وبلاد العرب وذلك بتطور المحيط ونتيجة التجارة وتبادل العلماء والأسرى والعبيد والجيوش والسياح وسواهم.
2) المراسيم والدساتير الإمبراطورية والمراسيم والدساتير الصادرة عن حكام الأقاليم وهناك أثر كبير للشرقيين العرب في هذه الدساتير حتى أن صياغة عدد منها صدر بفعل أباطرة عرب من أسرة الإمبراطور سبتيم سيفر (193-211)م الحمصية وأولاده كركلا (211-217) وغيتا (211-212)م وآكابالس (218-222)م وإسكندر سيفروس) 235-222م) بعد ذلك جاء فيليب العربي. (244-249) من شهبا.
كذلك كان قسم من المراسيم قد صدر من تأثير رؤساء الديوان الإمبراطوري (أي ما يعادل رئيس الوزارة) أمثال بابنيان من حمص وألبيان وبولس ومودستان من الساحل السوري.
3) الفتاوى وهي استنباط الأحكام من النصوص الأساسية وقد مرت الفتاوى بمراحل كالتالي:
آ- مرحلة إعطاء الفتاوى بشكل حر للجميع.
ب- حصر الإفتاء بأصحاب الامتياز المعطى من الإمبراطور.
ج- حصر الإفتاء بمجلس استشاري برئاسة الإمبراطور.
د- ظهور الفقهاء العلميين وظهور المدارس الفقهية.
4) المؤلفات الحقوقية وقد وصلنا منها عدد محدود ويعود حصراً لفقهاء العصر العلمي السوريين وهم غايوس من الشمال السوري وبابنيان من حمص وبولس و
ألبيان وتلميذه مودستان وهم جميعاً من الساحل السوري.
5) دور المدارس القانونية (الجامعات) التي كانت تقوم بالتدريس بمدة أربع سنوات أضيف إليها فيما بعد سنة خامسة وأهم هذه الجامعات معهد روما ومعهد "أثينا" ومعهد القسطنطينية ثم معهد بيروت ومعهد الإسكندرية ومعهد القيصرية والثلاث الأخيرات عربيات المنشأ والإقليم.
6) دور المحاكم وقرارات القضاء سواء ما يطبق منها الحقوق الرومانية أو ما يطبق القانون الأجنبي الأكثر تطوراً.
*كيف وصلت إلينا مدونة جستنيان؟
وهذا يقتضي البحث في تطور الحقوق الرومانية حتى أصبحت باسم مدونة جستنيان أي كيف تشكلت مدونة جستنيان؟
وبالتالي كيف أصبحت مدونة جستنيان قانوناً فرنسياً؟
وأخيراً كيف دخل القانون الفرنسي إلى قوانين البلاد العربية وأصبح مطبقاً فيها؟
أولاً: أصول مدونة جستنيان.
كان أول تجميع وتدوين للحقوق الرومانية في عام 449 ق.م عندما ظهرت الألواح الأثنا عشرية. إلا أن التجميع والتدوين العلمي للقوانين والأنظمة والدساتير الرومانية إنما تم عام 291 م بالشكل التالي مع ذكر أهم المجموعات:
أ- المجموعة الأولى المجموعة الجريجورية الصادرة عام (291)م في عهد دقلديانوس وسميت جريجورية نسبة لجامعها وقد ضمت الدساتير من عهد هدريان إلى عهد دقلديانوس مرتبة حسب تاريخ صدورها.
ب- المجموعة الهرمونية نسبة لجامعها هرموجنيان وكملت سابقتها وصدرت بعد عدة سنوات منها.
جـ- المجموعة النيودوزية نسبة إلى الإمبراطور نيودوز الثاني وصدرت عام (438)م شاملة للدساتير من عهد قسطنطين حتى تاريخ صدورها.
د- مجموعة جيستنان وتضم ثلاث مجموعات:
1. مجموعة القوانين ونظم الدساتير الإمبراطورية وصدرت نهائياً عام 929م.
2. الموسوعة: وتشمل القانون القديم متمثلاً بكتابات الفقهاء وصدرت عام 533م.
3. النظم: وهي مختصر القانون الروماني ووضعت بالأساس لغرض تدريسي.
وصدرت عام 533.
ثانياً: من جستنيان إلى نابليون:
صدرت مدونة جستنيان في عهده وبقيت مطبقة حتى القرن الثامن الميلادي وفي عام 740 وضع الإمبراطور ليون باللغة الإغريقية مختار القوانين. وفي القرن التاسع قام الإمبراطور بازيل (767-879)م بوضع مجموعة سماها "الموجز في القوانين".
وفي نهاية القرن التاسع وضع الإمبراطور ليون السابع المجموعة "البازيليكية" التي طبقت حتى سقوط القسطنطينية بيد "فراك" عام 1453م.
وكل المجموعات المذكورة أخذت نصاً وروحاً عن مدونة جستنيان وذلك في الإمبراطورية الرومانية الشرقية (بعد الانقسام إلى شرقية وغربية) أما في الإمبراطورية الغربية فقد طبقت مدونة جستنيان على فترات وخلال مناطق مختلفة وصدرت عليها هناك عدة تعديلات.
في أواخر القرن الحادي عشر قامت في أوربا حركة تهدف إلى إحياء القانون الروماني وكان المركز الرئيسي لهذه الحركة مدينة بولونيا في إيطاليا وقد أسس هذه الحركة آرنويولس وافتتح مدرسة لتدريس مجموعات جستنيان التي كانت تسمي مجموعة القانون المدني وأخذ أرنويولس وبعض الفقهاء بشرح المدونة وتفسيرها ووضع الهوامش عليها وجمعت أعمالهم باسم "الحاشية الكبرى" التي أصدرها أكورسيوس (1182-1220)م وعلى أعقاب هذه المدرسة ظهرت مدرسة المحشّين اللامعين وعلى رأسها الفقيه بارتول (1314-1357).
وفي فرنسا وعلى يد الفقيه كيجاسن (1522-1590) بدأت الدراسة العلمية لمدونة جستنيان.
وظهرت حركة مماثلة في ألمانيا تزعمها الفقيه ساقيني (1779-1861)م وفي فرنسا كان هدف الحكومات الفرنسية توحيد القوانين المطبقة في فرنسا بمجموعات وقد عجزت الملكية عن تطبيق هذا الهدف كما وعجزت الجمهورية عن ذلك أيضاً إلا أن نابليون في عهد القنصلية أصدر المجموعة النابليونية في 27/3/1804.
وذلك نقلاً عن مدونة جستنيان. وقد فرضتها فرنسا على الدول التي استطاعت السيطرة عليها آنذاك وعرفت الحقوق الفرنسية باسم الحقوق اللاتينية القانون اللاتيني في الدول العربية. تعتبر مصر أولى الدول العربية التي طبقت الحقوق الفرنسية وقد كانت مصر تطبق الشريعة الإسلامية التي تعتبر مصدر التشريع. وأخذت بعض القوانين الوضعية بالظهور اعتباراً من أول القرن التاسع عشر.
وظهر بالتالي القضاء المختلط والقوانين المختلفة التي أعدها أحد المحامين الفرنسيين المقيمين في مصر واسمه "مونوري" من هذه القوانين القانون المدني المختلط الذي كان في حينه يعتبر ورقة رابحة للتخلص من الامتيازات الأجنبية.
ثم ظهرت المحاكم الأهلية التي تطبق الشريعة الإسلامية وإضافة لها القوانين الوضعية . وتخلصاً من هذا الازدواج بين قانون مختلط وقانون أهلي وكذلك الأمر بالنسبة للمحاكم فقد شكلت لجنة أعدت مشروعاً أخذت ثلاثة أرباعه من القوانين المصرية المختلطة والأهلية التي أساسهما القانون الفرنسي. أما الربع الرابع فقد أخذ أحكامه من الشريعة الإسلامية السمحاء وطبق هذا المشروع كقانون عام 1948.
وفي سورية طبق القانون المصري بنصه وحرفيته عدا تبديل اسم الدولة وبعض التبديلات البسيطة الأخرى وصدر في سوريا 1949. كذلك طبق في لبنان والعراق وليبيا وغيرها من الدول العربية.
• الأثر العربي الشرقي في الحقوق الرومانية:
ويتجلى هذا الأمر في مصادر الحقوق الرومانية وفي متنها وفي طريقة تجميع هذه الحقوق.
1) الأثر العربي الشرقي في مصادر الحقوق:
ففي العرف والعادة كان لاختلاط الرومان المباشر مع البلاد العربية وسوريا على الخصوص والمستعمرات الفينيقية القديمة أو الدول التي كان للفينيقيين والعرب عموماً تأثير مباشر عليها مثل اليونان وكريت وغيرها ونتيجة للحروب والأسرى والتجارة والسياحة وسواها كان التأثير العربي للعرف والعادة الرومانية.
أما في المراسيم فإنها أيضاً صادرة عن تأثير هذا الاختلاط المذكور. وكنا قد ذكرنا أن هناك خمس أباطرة سوريين ولا أقل عن أربعة رؤساء دواوين (رؤساء وزارات) عرب سوريين حكموا روما وأصدروا الكثير من المراسيم نذكر أسمائهم كما يلي:
الأباطرة: أسرة سيفير الحمصية وقد حكمت على الشكل التالي: سبتيم سيفر (193-211)م كركلا (211-217) وغيتا (211-212)م وآكابالس (218-222)م وإسكندر سيفروس (222-235)م.
ثم جاء إمبراطور آخر من أسرة سورية عربية من مدينة شهبا هو الامبراطور فيليب العربي الذي حكم ما بين عامي (244-249)م.
أما رؤساء الدواوين والحكام البرينوريين (القضائيين فنذكر منهم: بابنيان /وبولس/ /وأولبيان/ وموديستان/.
كما وأن هناك الكثير من المراسيم التي صدرت تخص مفتين عرب نظمت الفتوى أو أعطت كتابات بعض المفتين أولوية في التطبيق نذكر من هذه المراسيم ما يلي:
1. دستور قسطنطين الصادرة عام 321م الذي أمر فيه بعدم الاعتداء بالحواشي التي وضعها الفقهاء ألبيان وبولس على كتاب الفتاوى للفقيه بابنيان وكل من ذكر من أصلي عربي سوري.
2. دستور قسطنطين الصادرة عام 327م الذي يعطي لكتاب الأحكام للفقيه بولس قوة رسمية مطلقة.
3. قانون الأسانيد الصادرة عن تيودور الثاني إمبراطور الشرق. وفالنينيان الثالث إمبراطور الغرب الصادرة عام 426م الذي نظم بموجبه طريقة الاعتماد على الإفتاء. فقد أعطى هذا القانون لكتابات كل من غايوس وبابنيان وبولس وأولبيان وموديستان وهم جميعاً من العرب السوريين قوة القانون. وقد نظم الاستدلال بآرائهم على الشكل التالي: إذا أجمع هؤلاء الفقهاء على رأي في مسألة معينة كان رأيهم ملزماً للقاضي. فإن لم يجمعوا ألزم القاضي بأخذ رأي الأكثرية وفي حال التساوي على القاضي الأخذ بالرأي الذي فيه الفقيه بابنيان. فإن لم يكن لبابنيان رأي كان للقاضي حرية اختيار ما يناسبه.
أثر العرب في الفتاوى:
ونضيف أن أهم كتب الفتاوى إنما صدرت عن الفقهاء الخمسة (فقهاء العصر العلمي) المذكورين وهم عرب سوريين. وسنرى أن مدونة جستنان أن هي إلا نتف من فتاوى الفقهاء كانت في معظمها لمفتون عرب سوريين.
أثر العرب في المدارس الحقوقية:
المدارس الحقوقية التي كانت معروفة في ذاك العهد هي ست مدارس: روما والقسطنطينية وأثينا والقيصرية وبيروت والإسكندرية. ونرى أن المدارس الثلاث الأخيرة مدارس شرقية علماً بأن أهم هذه المدارس وأكثرها أثراً على الحقوق الرومانية هي مدرسة بيروت وسنتحدث عنها فيما بعد.
المحاكم وقرارات القضاء:
ليس من السهل تتبع أثر العرب في هذا المصدر من مصادر الحقوق لتشعب الموضوع وكثرته وضياع الوثائق والمؤيدات التي تظهر هذا الأثر إلا أن ما قلناه عن أثر الشرق في العرف والعادة في الحقوق الرومانية ينطبق هنا أيضاً.
وثمة تأثير آخر مهم لابد من ذكره ألا وهو أثر المؤلفات الحقوقية في الحقوق الرومانية. ولدينا قائمة بمؤلفات كثيرة لحقوقيين عرب ورومان. إلا أننا لا نعرف ولم يصلنا إلا مؤلفات محدودة هي بكليتها لفقهاء الدور العلمي المذكورين. وقد ذكر أن غايوس قد ألف كتاب النظم الذي وصلنا كاملاً وإن بابنيان ألف: (19) مؤلفاً في المناقشات القانونية و (37) مؤلفاً في المسائل القانونية وله كتاب "الأسئلة" وكتاب "الأجوبة" وله أيضاً كتاب "الفتاوي".
أما أولبيان فأهم كتبه كتابه المشهور "كتاب القواعد" وكتاب "الاستشهادات".
وبولس ألف الكثير من المؤلفات الفقهية وخصوصاً تعليقاته على كتاب بابنيان وله كتاب "التقريرات المأثورة".
ومودستان له مؤلفات في الحقوق كتبها باللغة اليونانية.
وأن أهم الكتب التي وصلتنا هي كما يلي:
1.كتاب القواعد للفقيه أولبيان وقد وصل إلينا بصورة مختصرة كما جاء وصفه له على لسان أحد كتَّاب القرن الرابع الميلادي ووصل إلينا أيضاً عن طريق مخطوط دوّن في نهاية القرن العاشر الميلادي.
2.كتاب النظم للفقيه كايوس السوري وقد وصل إلينا كاملاً مما يعد أصدق وأبرز مصدر علمي عن الحقوق الرومانية وقد عثر عليه بإحدى كنائس فيرونا بإيطاليا عام 1816م. وقد تبين أن الكتاب قد قشط وأزيل عن ورقاته وكتب فوق الأوراق كتاب آخر يتضمن نصوصاً دينية. إلا أنه تم إعادة النص الأساسي بعد معالجته بطرق كيميائية خاصة، إلا أن هناك بعض الصفحات الناقصة التي عوضت بما عُثر عليه من أوراق بردي بمصر تتضمن الصفحات الناقصة.
ويعتبر هذا الكتاب أقدم كتاب عن الحقوق الرومانية وصل إلينا والتي كشفت بنورها شمس جميع ما تقدمها ولعل ذلك سر فقدان آثار من تقدمه من الفقهاء.
وقد جاء ترتيب هذا الكتاب كما ترتب كتب الفقه والقانون عندنا حالياً فيبدأ بالقواعد المتعلقة بالأشخاص ثم الأشياء فالأموال والدعاوي وفد أخذ عنه جستنيان الترتيب ومعظم الأحكام في الكتاب الذي صدر عام 533 بنفس الاسم ضمن مدونة جستنيان.
3.كتاب الأحكام "سانتانس" للفقيه بولس ولم يصل بصورته الأصلية بل بصورة مختصرة له عن طريق المجموعة القانونية التي وضعها الملك الأريك الثاني ملك القوط الغربي عام 506م.
4.الكتاب السوري الروماني: وهو من أكثر الكتب إثارة للجدل... كما سنرى وقد صدر هذا الكتاب باللغة اليونانية ثم ترجم في القرن الخامس الميلادي إلى السريانية ثم ترجم إلى العربية في القرن الثامن الهجري وكان يتضمن بعض القواعد القانونية التي كانت مطبقة في سوريا في العهد الروماني، إضافة إلى القوانين الرومانية.
2) الأثر العربي والسوري في متن مدونة جستنيان:
قلنا أن مدونة جستنيان تشتمل على ثلاث مجموعات الأولى: مجموعة القوانين والدساتير الإمبراطورية وهي تشبه الجريدة الرسمية عندنا حالياً. والثانية الموسوعة وتشتمل القانون القديم وتتمثل في كتابات الفقهاء وهي التي تسمى القانون المدني. وأخيراً النظم وهو مختصر القانون المدني وهو بالأساس كتاب مدرسي لطلاب الحقوق.
أ-الأثر العربي في مجموعة القوانين والدساتير بالطبع وقد ذكرنا أن العرب شاركوا في القوانين والدساتير الرومانية سواء من ناحية إصدارها بصفتهم قد حكموا روما كأباطرة (أسرة سبتيم سيفر) وفيليب العربي "لمدة أكثر من خمسين سنة. أو من ناحية أخرى في مشاركة العرب بالحكم كرؤساء دواوين (وزارات) وكحكام بريتيوريين أو كأعضاء في مجالس الأحكام وذكرنا عدداً من الدساتير التي تخص العرب.
ب-أما أثر العرب في الموسوعة التي تحتوي على القانون القديم المتمثل في كتابات الفقهاء والتي أصبحت فيما بعد تعرف باسم القانون المدني والتي أخذ عنها نابليون وبالتالي القوانين المدنية الحالية لكثير من الدول الأجنبية والعربية.
ج-النظم أو المختصر وتتألف من أربعة كتب الأول مؤلف من 26 باباً والثاني 25 باباً والثالث 17 باباً والرابع 18 باباً وكل باب مقسم إلى بنود. وقد أخذت عن مؤلفات فقهاء العصر العلمي العربي. فكانت في معظم نصوصها منقولة عن كتاب النظم لكايوس وقد أخذت نفس خطة الكتابة من حيث التنظيم والتبويب. ولقد ترجم هذا الكتاب إلى العربية عن نص بلوندو من قبل المرحوم عبد العزيز فهمي ونشر عام 1946 باسم مدونة جستنيان.
3) الأثر العربي والشرقي في تجميع المدونة وتسجيلها:
آ-في مجموعة القوانين:
صدر الأمر من الامبراطور جستنيان بتاريخ 3/2/528 بتشكيل لجنة برئاسة تريبونيان (وزير العدل) وهو خريج معهد بيروت وعضوية نيوفيل أستاذ مدرسة القسطنطينية ومن أستاذ معهد بيروت ليوليد ستوس، وقد صدرت في 7/4/529.
ونظراً لوجود تضارب في ضمنها شكلت لجنة برئاسة وزير العدل تريبونيان والأستاذ دورنية أستاذ معهد بيروت وثلاثة من المحامين.
ب-في الموسوعة: وقد جمعت بعد تشكيل لجنة صدرت بدستور في عام 530 واللجنة مؤلفة من وزير العدل المذكور وعضوية أستاذين من معهد بيروت وهما دورنيه وأناتوليوس وأستاذين من مدرسة القسطنطينية هما نوفبر وكرانيتو وأحد عشر محامياً وأحد كبار موظفي الدولة الذي كان أستاذاً سابقاً لمدرسة بيروت وقد أتمت اللجنة عملها في عام 533 وأرجعته إلى 83 مؤلفاً فقهياً.
.png "English"){kind=small}
">